لأول مرة.. اللجوء إلى محكمة دولية لحماية المحيطات من تغير المناخ
تنظر محكمة، تابعة للأمم المتحدة مختصة بقانون البحار، اليوم الاثنين، في قضية غير مسبوقة رفعها عدد من الدول الجزرية الصغيرة للمطالبة بحماية محيطات العالم من التداعيات الكارثية للتغير المناخي.
ولجأت تسع دول جزرية صغيرة إلى المحكمة الدولية لقانون البحار للبت في مسألة اعتبار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها المحيطات، من الملوثات. وفي هذه الحالة، ما هي التزامات الدول للحؤول دون ذلك.
والدول التي رفعت القضية أمام المحكمة الدولية لقانون البحار هي: توفالو، فانواتو، أنتيغوا وباربودا، جزر البهاماس، نيوي، بالا، سانت كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، سانت فنسنت وجزر غرينادين.
وستشارك 34 دولة أخرى في جلسات المحكمة المقرر أن تتواصل حتى 25 أيلول/سبتمبر.
وتوّلد النظم البيئية للمحيطات نصف الأكسيجين الذي يتنشقّه البشر، وتحدّ من الاحترار العالمي بامتصاص الكثير من ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الأنشطة البشرية.
لكن زيادة الانبعاثات يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة مياه البحر وحموضتها، ما يضرّ بالحياة البحرية.
وتشير تلك الدول إلى “اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار” (UNCLOS) التي تلزم الدول بالعمل على منع تلوث المحيطات.
وتعرّف الاتفاقية التلوث على أنه إدخال البشر “مواد أو طاقة إلى البيئة البحرية” تؤدي إلى الإضرار بالحياة البحرية.
لكنها لا تشير إلى انبعاثات الكربون بالتحديد على أنها مادة ملوثة. وتقول الدول، التي رفعت القضية، إن تلك الانبعاثات تدخل في ذلك الاطار.
وقال كاوسي ناتانو، رئيس حكومة جزيرة توفالو إن “نظما بيئية بحرية وساحلية بأكملها تموت في مياه تصبح أكثر دفئا وحمضية. العلم واضح ولا جدال فيه: هذه التداعيات هي نتيجة لتغير المناخ الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة”.
وأضاف “جئنا إلى هنا طلبا لمساعدة عاجلة، مع إيماننا القوي بأن القانون الدولي هو آلية أساسية لتصحيح الظلم الواضح الذي يعاني منه شعبنا نتيجة لتغير المناخ”.
– موجة حر بحرية
حصلت الجهود لتحقيق العدالة المناخية على دعم كبير عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس قرارا يدعو محكمة العدل الدولية إلى تحديد التزامات الدول بشأن حماية مناخ الأرض والعواقب القانونية التي ستواجهها في حال عدم القيام بذلك.
وقادت فانواتو تلك المساعي في الأمم المتحدة، وهي من بين الدول التي رفعت القضية أمام المحكمة التي تتخذ من مدينة هامبورغ بألمانيا مقرّا.
والجزر الصغيرة مثل فانواتو معرّضة بشكل خاص لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، إذ يهدد ارتفاع منسوب مياه البحار بغمر دول بأكملها.
وقال غاستون براون رئيس وزراء أنتيغوا وباربودا “من دون اتخاذ إجراءات سريعة وطموحة، قد يحول تغيّر المناخ دون أن يعيش أطفالي وأحفادي في جزيرة أجدادهم، الجزيرة التي نسميها وطننا. ولا يمكننا أن نبقى صامتين في وجه هذا الظلم”.
وأضاف “حضرنا أمام هذه المحكمة إيمانا منا بأن على القانون الدولي أن يلعب دورا محوريا في معالجة الكارثة التي نشهدها”.
وفي ثلثي كوكب الأرض المغطى بالبحار، شهد ما يقرب من 60 بالمئة من المياه السطحية للمحيطات موجة حرّ بحرية واحدة على الأقل في العام 2022، وفقًا لتقرير حالة المناخ السنوي الذي أشرف عليه علماء من الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي.
وهذا يزيد بنسبة خمسين في المئة عن مستويات ما قبل العصر الصناعي والنسبة “الأعلى في سجل الغلاف الجوي الحديث وفي سجلات المناخ القديم التي يعود تاريخها إلى 800 ألف عام”، حسبما أشار التقرير الذي نشر في وقت سابق هذا الشهر.
كما سجلت محيطات العالم درجات حرارة قياسية في أغسطس. فقد وصل معدل درجات حرارة سطح البحر إلى 21 درجة مئوية بشكل غير مسبوق، واستمرّ لأكثر من أسبوع، وفقًا لمرصد “كوبرنيكوس” لتغير المناخ التابع للاتحاد الأوروبي، بعد أشهر من درجات حرارة مرتفعة بشكل غير عادي.